أعتذر لك يا شيخنا .. القُدوَه

المكان : تركيا .. بيتي .. أمام التلفاز
الوقت : بعد الغداء و قبل صلاة العصر

الجو : شديد البرودة .. الثلج يتساقط .. أخبار عن عاصفة قادمة
الحدث : كنت أقلب القنوات التلفزيونية حتى توقفت أمام قناة الشيخ العفاسي و التي خُصّصَت هذه الأيام للدعاء من أجل صاحب السمو الأمير الراحل جابر الأحمد الصباح المغفور له بإذن الله تعالى
الشعور : سَرَت في جسدي قشعريرة عندما إمتزج هذه المشهد المؤثر بتلك الأحداث الوضيعة التي تحصل الآن في الكويت .. فأصابتني حسرة على وفاة ولي أمرنا لم تصبني إلا عندما سمعت بذلك الخبر الحزين فجر وفاته .. فكأنه توفى الآن مرة أخرى .. رحمة الله عليه

تَرَبَّيْتُ كما تربّى غيري على عدم الإنحناء إلا لله تبارك و تعالى خمس مرّات يومياً .. و تعلمت كُرْهَ التزلف و التملق و النفاق .. و تشددت في مسائل النهي عن المنكر و أن لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق .. و استحقرْتُ تلك الشعوب التي ركعت لحكم الظلم و سلطة الفساد
فوجدت نفسي محباً لشخص أميرنا الراحل .. و متفاخراً بقيادته لوطني .. و معتزّاً بكونه الأفضل –و أكررها الأفضل- بين من سادوا ثم بادوا في الدول العربية
ثم سَأَلتُ نفسي .. و لماذا ؟ .. فلم تكن الإجابة تحوي أنجازاتٍ إقتصادية أو تطوراً سياسياً أو نهضةً عمرانية .. رغم أنها حدثت فعلاً
و إنما إستذكرْتُ ما فقده الكويتيون اليوم .. و ما قد نفقده غدا
إنه تواضعه الذي جعله يمازح كبار السن في زياراته لمجالسهم
و تواضعه الذي كرّره بملاطفته للأطفال في مدارسهم و رياضهم
و تواضعه في رفضه لوضع صورته على الأوراق النقدية
و تواضعه في إلغائه للقب (المعظّم) الذي كان لقباً لمن يتولى الإمارة
و تواضعه عندما وصّى بأن لا يُرفع قبرُهُ عن الأرض و أن يبقى كما هو في سنة الرسول صلى الله عليه و سلم

و تواضعه عندما يصلي في الناس إماماً على رمال الصحراء في زياراته للمعسكرات الحدودية
و تذكرت تواضعه الذي كان يؤكده كل فجرٍ بعد أن يصلّي بِحرّاسه و العاملين في قصره حين يُفطر معهم .. و على الأرض


هذا هو العمل الطيّب الذي لابد أن يبقيه الإنسان بعد موته .. و هذه هي المحبة التي ينزلها الله عزّ و جل في قلوب البشر إذا أحب عبداً من عباده
و ها هي بعض أعماله الصالحة التي تغدق عليه الثواب ليل نهار .. فهناك أوقافه الخيّرة التي تشهد له في أرجاء العالم .. و هنا يشمخ المسجد الكبير الذي أمر ببنائه و حرص على إفتتاحه .. و لا ننسى لجنة تطبيق الشريعة الإسلامية التي أصرَّ على تأسيسها بعد تحرير أرضنا الطيبة .. و بيت الزكاة .. و مسابقات حفظ القرآن الكريم .. و كلماته السامية خلال شهر رمضان المبارك و في لياليه العشر الأواخر

و قد تشرّفت قبل سنوات بلقاء سموه عليه رحمة الله .. فأَخرج كل من كان عنده إلاّ نحن حرصاً منه على المفاتحة و عدم التكلف .. و لم نحس بتلك الرهبة و ذلك الحاجز الذي قد يحس به بعض البشر أحياناً مع مسؤولٍ أو مدرّسٍ أو ربما شرطي مرور .. بل إنني عندما صافحت سموه و رأيت بشاشة وجهه و إبتسامته الأبوية .. لَعنتُ ألفَ مرّةٍ تلك الأيادي النجسة التي حاولت إغتياله في الثمانينات .. و عسى أن لا يأتي اليوم الذي نلعنُ فيه من ينشر الفساد في أرضنا الطاهرة و يسنّ سنّةَ العبيد في .. تقبيل الأيدي

ربّنا اجعله قدوةً لغيره .. و اجعل اللهم تواضعه صورةً كريمةً يُحتذى بها .. آمين

http://www.fanateq.com/jaber/Fanateq-3aza2/Fanateq-3aza2/Fanateq-Jabir1.html
العجيل

http://alrumi.altheqa.info/ALL/do3a-jaber.rm
العفاسي